-لا بد من المداومة والإصرار مع قوة العزيمة والإرادة ومع التوسل والتضرع لله :
نحن نقرأ القرآن استجابة لأمر الله " ورتل القرآن ترتيلا " , " اتل ما أوحي إليك من كتاب ربك " , كما نقرأه طلبا للأجر من الله , كما نقرأه لنسهل على أنفسنا حفظه في يوم من الأيام سواء أردنا عندئذ حفظه كله أو أردنا حفظ
جزء منه فقط ( كبر أو صغر) , كما نقرأه لنليِّـن قلوبنا التي تقسو بسبب الهوى والنفس والشيطان وبسبب المبالغة في طلب الدنيا على حساب الآخرة , كما نقرأه لنقوي إيماننا بالله تبارك وتعالى , كما نقرأه من أجل ...
ولكنني أؤكد لنفسي ولإخواني وأخواتي على أن هذه الأهداف وغيرها لن تتحقق لنا – في الغالب - من اليوم الأول الذي نبدأ فيه تلاوة القرآن وترتيله .
إن العادة جرت على أن المسلم يحرص على :
ا- تلاوة القرآن الكريم وترتيله , مع مراعاة تطبيق أحكام الترتيل ما استطاع وبشكل دائم أو شبه دائم .
ب- تلاوة القرآن الكريم وترتيله , بشكل دوري ومنتظم وبمعدل ثمن في اليوم أو ربع أو نصف حزب أو حزب كامل أو حالسلام عليكمين أو أكثر أو أقل ... المهم المداومة والمواظبة , ولا ننسى أن " أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل " . وعلى المسلم أن يجعل لنفسه وردا يوميا من تلاوة القرآن لا يتخلف عنه إلا عند الضرورة .
جـ- تلاوة القرآن الكريم وترتيله مع محاولة التدبر والخشوع أثناء ذلك .
د- تلاوة القرآن الكريم وترتيله , مع اختيار الزمان المناسب , ولعل من أفضل الأوقات المناسبة ما قبل وقت الصبح , وما بعد وقت الصبح , وما بعد صلاة العشاء وقبل النوم ولكن بشرط أن لا يكون الشخص متعبا .
هـ- تلاوة القرآن الكريم وترتيله مع اختيار المكان المناسب , والبعيد عن الضجيج وكذا عن الآخرين وكذا عن أي نوع من أنواع الفوضى .
يجب أن يحرص المسلم على كل ما سبق ( وكذا على ما هو في حكمه ) ويصر على ذلك ويلح عليه . وأثناء ذلك لا بد له من العزيمة القوية والإرادة الفولاذية ليثبت على ذلك وليستمر ويداوم ( والإرادة والعزيمة تـنـبـعان من داخل المسلم ولا تباع ولا تشترى ).وعليه أن يستعين كذلك بالدعاء والإلحاح في الدعاء وكثرة التضرع إلى الله والتوسل إليه أن يثبته على كل ما سبق وأن يحبب إليه القرآن وتلاوته وحفظه وأن يعينه على حسن تلاوة القرآن وحسن تفهم معانيه وحسن العمل به وحسن الدعوة إليه وحسن المحافظة عليه , وأن يجعل له القرآن نورا في الدنيا وحجة له ( لا عليه ) في القبر وشفيعا له يوم القيامة وأن يرفع درجته في الجنة بقدر ما قرأ من القرآن وتلا من آياته الطيبات المباركات .
إذا التزم المسلم بكل ما سبق لوجه الله أولا وأخيرا بطبيعة الحال , ولمدة طويلة أو قصيرة , عندئذ وعندئذ فقط ينزل الله السكينة والطمأنينة على قلبه ويحس بحلاوة تلاوة القرآن وترتيله ( سواء مع الحفظ أو بلا حفظ ) , وعندئذ وعندئذ فقط سيعرف بأن من أعظم نعم الله عليه في الدنيا توفيقه لتلاوة القرآن وترتيله , وأما أجر الآخرة فأكبر وأعظم بكثير بإذن الله سبحانه وتعالى , " ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون" .